الأحد، 10 أبريل 2011

حتى لا يتكرر حادث الجمعة

0ea48ed4-a9a9-48b0-94c3-63797bea6af1.jpg

طيلة الأيام المنصرمة حاصرتنا خطب طنانة رنانة عن حرص جميع الأطراف على تجنيب حضرموت وحاضرتها المكلا أي صراعات عسكرية أو غيرها، وظهر على السطح نشوء تكتلات كلها تزعم حرصاً على حضرموت، غير أن هذا الحرص لم يكن له وجود سوى في التصريحات التي صمّت آذاننا، وافتقدها الشارع على أرض الحقيقة، وكان لأحداث يوم الجمعة الماضي الأثر الواضح على أن كل الشعارات التي رفعت لم تتجاوز جانب الدعاية ودغدغة العواطف لتكتسب شرعية لوجودها.

إن ما حدث في مدينة المكلا ليدق ناقوس الخطر وهو مؤشر على خلل كبير في التفكير لدى كثير ممن يتحدث باسم حضرموت، وهو أمر مدان ولا يمكن أن يقبله أي شريف من أبناء المكلا، وفي هذه العجالة سأقف عند بعض الظواهر التي تحتاج إلى معالجات حقيقية بعيداً عن المجاملات والمزايدات والمناكفات، وهي:
كثر الحديث عن إنجازات الحضارم وعقلياتهم وما قدموه للأمم سابقاً ولاحقاً، وهو حديث حق ربما بعضه لم يعط الحضارم حقهم، غير أنه لا ينبغي التوقف كثيراً عند إنجازات الآباء والبكاء عليها والترحم، بل يجب أن نحتذي سيرتهم وأن نقتفي أثرهم لنصل إلى ما وصلوا.
هناك ظاهرة غير صحية نسمعها كثيراً في الخطابات التي تلقى في كثير من المناسبات والتجمعات، وهو الحديث باسم الجنوبيين أو الحضارم، وكأن هؤلاء المتحدثين يريدون أن يجعلوا الحضارم قالباً واحداً، وهذا عين الخطأ فنحن أمة لها تاريخها ولها أسلوبها في التفكير، ولهذا نجد هؤلاء الذين يفرضون أنفسهم أوصياء على حضرموت ينفون الآخرين و لا يقبلون بغيرهم ويرفضون أي عمل يخالف ما يرونه، ولعل هذا هو السبب فيما يحدث من اعتداءات بين أتباع الحراك السلمي الجنوبي ومن اندس بينهم، وبين شباب التغيير، وهو حدَث يذيب القلب كمداً، ولن أقف مع هذا الحدث لأصدر الأحكام لأن هذا الأمر ليس من اختصاصي، وكذلك كوني لم أكن شاهداً على ما حدث، غير أن هذا الحدث في حد ذاته يعتبر شرخاً في النسيج الاجتماعي الحضرمي، فحين يعتدي طرف من أبناء المحافظة على طرف آخر فإن هذا لا يخدم سوى هذا النظام القائم الذي اتفق الطرفان على ضرورة عدم بقائه أو بعبارة أدق على أن لا يكونوا تحت حكمه.
إن الناس نتيجة لاختلاف مشاربهم الفكرية والثقافية لا بد أن تختلف آراؤهم وأهواؤهم، ولا ينبغي لعاقل أن يحاول قولبتهم في إطار واحد لأنه كما يقال: عندما يتفق اثنان في كل شيء، فأحدهما زائد لا ضرورة له.
إن من حق أي إنسان أن يعبر عما يريد، وحرية كل إنسان تنتهي حين تبدأ حرية الآخرين، ولذلك أود التنبيه هنا إلى أن شرائح المجتمع لا تتكون من أنصار الحراك السلمي الجنوبي، وأنصار شباب التغيير فقط، بل هناك الشريحة الصامتة وهي كثيرة، ولا أعني بالصامتة أنها لا تتكلم بل أعني بها أنها لم تنضوي تحت الفئتين السابقتين، ولعل السبب في ذلك أنها تفتقد شيئاً أو أشياء في الموجودين، وهنا لعله يكون من المهم تكوين هيئة أو رابطة أو تجمع تكون حاضنة لهذه الشريحة، وهذه الحاضنة يقودها من يطلق عليهم التكنوقراط غير المنتمين لأحزاب، وتجمع فئات متنوعة كالحقوقيين وقادة الرأي والفكر والمهندسين والمعلمين والتربويين وغيرهم، ويقع على عاتقهم السعي إلى توحيد الصفوف وخلق الاحترام المتبادل وتقديم مشروع ناضج للخروج من هذه الأزمة.
إن الدماء محرمة ويجب الحفاظ عليها، ونحن نتألم من أن تسيل أي قطرة دم لمسلم، ولكن للأسف سالت دماء العشرات من أبناء حضرموت على أيدي إخوانهم يوم الجمعة وهي أعمال مرفوضة وغير مسئولة يجب ألا تتكرر، بل ويجب محاسبة مرتكبيها.
لا شك أن لكل من الحراك وشباب التغيير قيادات، ويجب على هذه القيادات أن تقوم بدورها ليس في جانب التنظير بل في السعي لاحتواء الأزمات والمشاكل قبل وقوعها، وأن تنظم الفعاليات بحيث لا يحدث أي صدام بين الفريقين فحضرموت كبيرة وتتسع لجميع أبنائها.
إلى كل الشباب الذين يشاركون في الفعاليات ويشعرون أن الآخرين لا يتفقون معهم فيميلون إلى العنف لكي يبعدوهم أو يتخلصوا منهم أقول: ستتعلمون الكثير من دروس الحياة, إذا لاحظتم أن رجال الإطفاء لا يكافحون النار بالنار وعظمة النفس الإنسانية كامنة في قدرتها على الاعتدال, لا في قدرتها على التجاوز على الآخرين، والجميع إخوة، والنتيجة التي يصل إليها الحال سواءً بفك الارتباط أو سقوط النظام هي واحدة أنه لن يستطيع أي واحد إبعاد الآخر من بلده فكلنا حضارم، ولنا حقوق في هذه الأرض، فلا بد من التعايش كإخوة يسود بينهم الوئام والمحبة، وإن اختلفت الانتماءات.
وأختم حديثي بـالتذكير بأن:
- ما تستطيع نيله بالإرهاب يسهل عليك بالابتسام، وأن البشر مخلوقات عاطفية تجذبهم الكلمة الطيبة.
- إن الحياة أقصر من أن نقضيها في تسجيل الأخطاء، وفي تقوية روح العداء بين الناس.
- إن من ينقذ وطنه لا يخرق أي قانون.
حفظ الله الجميع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق