أجواء أسرية تبرز في مدينة المكلا في شهر مضان الفضيل إذ تشهد المدينة عددا من الفعاليات الروحانية التي تقارب بين القلوب ، وتعد ظاهرة الختايم من أبرز تلك الفعاليات حيث يلتئم الماضي الغابر بالحاضر الجميل فترى أمام ناظريك شيوخ ورجال وشباب وأطفال مدينة المكلا أسرة واحدة وهم يحتفلون بمناسبة عظيمة ينتظرونها كل عام بشوق ،ومنذ سنوات إتفق أبناء حضرموت على إقامة مناسبات فرائحية أيام وليالي شهر رمضان المبارك يلتم خلالها شمل الأسرة في مايسمى (الختايم)
ومن الختايم التي لاقت قبولا وأصداء واسعة في الداخل والخارج ختم مسجد الفلاح بالمكلا الذي يدخل عامه السابع هذا العام حيث تبدأ فعالياته في التاسع من رمضان ورغم حداثة إنشاء المسجد صار ختمه حديث الشارع في مدينة المكلا وحضرموت عموما ومصدر ترقب من قبل أبناء مدينة المكلا بحكم التجديد والتطوير الذي يرافق حفل كل عام.
ختم الفلاح سنة سابعة وثوب متجدد
تتواصل التحضيرات والاستعدادات لإقامة الختم السنوي السادس لمسجد الفلاح بالمكلا، وأفاد الأخ وسيم حسين النهدي / رئيس جمعية السلام الشبابية أن ختم هذا العام سيكون أكثر تميزا من الأعوام السابقة مضيفا إننا قمنا بالبدء بإنارة شارع الفلاح إلى جانب تجهيز سعف النخيل التي سيتم تعليقها في أركان المنازل لتضفي طابعا تراثيا جميلا إضافة إلى إقامة الخيمة التراثية الرمضانية التي تحتوي على أدوات إعداد مواد الطبخ وجميعها أدوات خشبية و وحجرية(كالمراهي والمناحيز) وهي أدوات لطحن القمح والبهارات وغيرها من المستلزمات الخاصة بالطقوس المنزلية لأهالي المكلا خلال هذا الشهر الفضيل وتقدم تلك الطقوس فتيات من سكان الحي متشحات بأثواب تعكس الماضي الجميل للمكلا خاصة وحضرموت عامة وهي أزياء تراثية لنساء المكلا ونساء البادية المحيطة بالمدينة خلال السنوات التي خلت.كما تجوب العير(الجمال) شوارع وأزقة الحي والأحياء المجاورة إلى جانب هذه العير هناك شباب يلبسون ملابس ترمز لشرائح اجتماعية ودينية بالإضافة إلى فرقة للرقص الشعبي يحملون الفوانيس وكل هذه المظاهر البهيجة وغيرها ترافقها أناشيد وأغان مختلفة تقدم بشمكل جميل وشيق وبأحدث الطرق الموسيقية وعلى أيدي متخصصين بأصوات أطفال الحي
تكريم المواليد والمؤذنين
وتابع النهدي يقول :هناك مفاجآت أخرى سيتم الإعلان وأبرزها تكريم مواليد التاسع من رمضان بحي السلام للست السنوات الماضية مضيفا أن الهدف من إقامة الختم الرمضانية يتمثل في الحفاظ على تراث الأجداد وإظهار الموروث الشعبي في قالب فني متميز يضم العديد من الألعاب الشعبية التي تشتهر بها مدينة المكلا وقال يعكف مجموعة من الشباب المهتمين بالموروث الشعبي على إنتاج شريط كاسيت رمضاني تراثي تشرف عليه جمعية السلام الشبابية ويحتوي على عدد من الرقصات والأهازيج والأناشيد الرمضانية ينفذها الشباب رشاد برك بن سعيد واشرف بادباه ووجدي مرزوق واحمد درويش بازياد وعدد من أطفال حي السلام ويتوقع إن يكون الكاسيت مفاجأة الاحتفال إضافة إلى إصدار كتاب خاص بالمناسبة يستعرض الاحتفالات الستة السابقة ويوثق كافة الفعاليات والنشاطات الخاصة بالجمعية مشيرا إلى أن الجمعية تبنت تكريم المؤذنين والقائمين على مساجد هذا الحي والشخصيات الاجتماعية وقدم النهدي خالص الشكر لمحافظ حضرموت لدعمه اللامحدود للجمعية بشكل عام وللاحتفال السنوي لمسجد الفلاح خاصة شاكرا كل من أسهم في إنجاح الحفل السنوي لمسجد على مدى ست سنوات سابقة خاصة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة على تغطيتها ومتابعاتها
حراك ديني روحاني
المدير العام لمديرية مدينة المكلا سالم صالح بن عبد الحق قال إن تنظيم ختم مسجد الفلاح تحديدا ساهم في إحداث ثورة في ختايم مساجد مدينة المكلا فبعد سنواته الأولى ألهب حماس أبناء الأحياء الأخرى الذين تداعوا لإقامة ختايم مساجدهم بألوان مختلفة ومتعددة والحقيقة أن حفل ختم مسجد الفلاح نموذج مشجع للشباب والأطفال للتمسك بعادات الأجداد والموروث الحضاري الجميل مؤكدا أن السلطة المحلية تبارك هذه الجهود وتؤازرها داعيا إلى تعميم تجربة مسجد الفلاح على المساجد الأخرى في المكلا وحضرموت واليمن بشكل عام ، وأشاد بن عبدالحق بماتقدمه جمعية السلام من خدمات لأبناء الحي في سبيل الحفاظ على موروثهم الحضاري والثقافي والتراثي.تعزيز الروابط الأسرية
الفنان الشعبي الكبير سعيد عمر فرحان أكد أن إقامة مثل هذه الفعاليات الفرائحية تنثر أجواء المحبة والتكافل وتعزز الروابط والأواصر بين مختلف شرائح المجتمع في ظل تشاغل الناس بهموم الدنيا ، وأضاف أن هذه المناسبة جمعته بشخصيات لم يراها خلال عام كامل فكان ختم الفلاح الذي يجمع أبناء المكلا من أقصاها على أقصاها ليرسموا لوحة تكافل اجتماعي فريدة بأهل المكلا ، وأثنى بوعمر على مجهودات القائمين على الجمعية بهدف الحفاظ على تراث مدينة المكلا الزاخر.
كلمة الختام
رمضان في المكلا له نكهة خاصة وطعم نادر وفريد قد لا يعرفه إلا من اغترب عنها، ومن يتابع فرحة أبناء المكلا بهذا الشهر الروحاني الكريم في الداخل والخارج فيه تبدو المكلا فرحة بقدومه، يظهر ذلك جلياً في قسمات الوجوه التي تعلوها الابتسامة والرضا والروحانية والتزام المساجد وحلقات الذكر وقراءة القرآن وفيض المشاعر، وصور التكافل الاجتماعي التي تشكل عناوين بارزة للمكلا في الشهر الكريم ، وساهمت الختايم في تعزيز تلك الصورة ونحتها في أفئدة الصغار والكبار ليبقى رمضان ملاذا للمكلا وأهلها بعد أحد عشر شهرا من الغرق في متاهات الدنيا وشهواتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق